زَها حديد واسمها الكامل زَها محمد حسين حديد اللهيبي (زَها يُلفظ بفتح الزاي ) ، هي معمارية عراقية بريطانية، وُلدت في بغداد لأسرة موصلية الأصل يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر 1950 وتُوفيت في ميامي يوم 31 آذار/مارس 2016
قالت حديد في إحدى مقابلاتها أنه لديهم بيت لا يزال قائمًا ببغداد، يعود إلى الثلاثينات بقطع أثاث من الخمسينات. حيث بدأت حديد دراستها خارج العراق في السادسة عشرة من عمرها. كانت والدتها ربة بيت، بينما كان والدها محمد حديد، رئيس شركة صناعية وناشطًا سياسيًا وأحد القادة في الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية، الذي اشتهر بتسيير اقتصاد العراق خلال الفترة من عام 1958 حتى 1963. كانت والدة حديد تُحب الرسم وتمارسه بشكل جيد، وهي من علمتها الرسم، حيث كان لها ذوق رائع ونظرة حادة للأشكال الجميلة. وقد زرع والديها بها حب المعرفة وأهمية الدراسة والتحصيل العلمي كجواز سفر الإنسان في الحياة. فقد اعتبرتهم زها بمثابة الإنارة في حياتها، الذين وفرا لها الدعم الكبير حين اختارت دراسة العمارة في الخارج.
لا توجد مصادر حول حياتها الشخصية ولكن بعد وفاتها ذكرت إحدى الجرائد البريطانية أن زها لم تكن متزوجة وليس لديها أطفال عند وفاتها.
بدأ اهتمام زها حديد بالهندسة المعمارية عندما ذهبت مع أسرتها في رحلة لزيارة آثار الحضارة السومرية في جنوب العراق، والتي تعتبر أقدم حضارة عرفتها البشرية. تقول زهاء في لقاء مع جريدة الغارديان: «اصطحبنا أبي لزيارة المدن السومرية، وقد ذهبنا بالقارب وبعدها استكملنا بقارب أصغر مصنوع من حِزَم القصب. ظل جمال المناظر الطبيعية هناك، من رمال، وماء، وطيور، ومباني وناس، عالقًا في ذاكرتي منذ تلك اللحظة. أنا أحاول اكتشاف، أو اختراع، طراز معماري وأشكال من التخطيط العمراني يكون لها التأثير نفسه، لكن بصورة أكثر عصرية.»
تأثرت زها تأثرًا كبيرًا بأعمال المعماري البرازيلي أوسكار نيماير، وخاصة إحساسه بالمساحة، فضلًا عن موهبته الفذة. حيث أن أعماله كانت قد ألهمتها وشجعتها على إبداع أسلوبها الخاص، مقتدية ببحثه على الانسيابية في كل الأشكال. تميزت أعمال زها حديد باتجاه معماري واضح في جميع أعمالها وهو الاتجاه المعروف باسم التفكيكية أو التهديمية، وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها كانت تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط، مما مكَّنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة. كما تميزت أيضًا بأعمالها المعمارية ذات الكمونية في الطاقة، إضافة إلى عراقة أعمالها وأصالتها، حيث الديناميكية العالية. لعبت زها حديد دورًا فعالًا في تغيير مفهوم العمارة في العالم. وأسهمت حديد في خلق عالم أفضل عبر تصاميمها الراقية للأبنية، وقد عدت تصاميمها فريدة من نوعها، وكأنها تنتمي إلى عالمِ الخيال في كوكب آخر.
وقد ظهر هذا الاتجاه في عام 1971، ويُعد من أهم الحركات المعمارية التي ظهرت في القرن العشرين. ويدعو هذا الاتجاه بصفة عامة إلى هدم كل أسس الهندسة الإقليديسة، المنسوبة إلى عالم الرياضيات اليوناني إقليدس، من خلال تفكيك المنشآت إلى أجزاء. ورغم الاختلاف والتناقض القائم بين رواد هذا الاتجاه، إلا أنهم يتفقون في أمر جوهري وهو الاختلاف عن كل ما هو مألوف وتقليدي.
أنجزت زها حديد العديد من المشروعات التي أوصلتها بجدارة إلى الساحة العالمية، وقد فازت في مسابقات معمارية عديدة. ومن أهم هذه المشروعات التي نُفِّذَت محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، متحف الفن الحديث في مدينة سينسيناتي بأمريكا، ومركز الفنون الحديثة في روما، معرض منطقة العقل في الألفية بلندن، المركز الثقافي في أذربيجان وجسر الشيخ زايدفي دولة الإمارات العربية المتحدة، محطة لقطار الأنفاق في ستراسبورج، المركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، مركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، ومبنى بي إم دبليو المركزي، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو. وتظل هُناك عدة مشاريع لم تُكملها المهندسة المعمارية مثل أوبرا دبي والاستاد الوطني الجديد في اليابان والمبنى العائم بدبي ومركز الثقافة باليابان والمسرح الكبير في مدينة الرباط بالمغرب ومتحف غوغنهايم والإرميتاج ومحطة وأبراج الحجر بالقاهرة وبرج النيل والقاهرة إكسبو سيتي.
الخيال والمثالية هو ما يُميز تصميمات زها حديد، والتي يدعي البعض أنها غير قابلة للتنفيذ، حيث أن أبنيتها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة، ويؤكد بعض النقاد أن هذه التصميمات تطغى عليها حالة من الصرامة.
بينما فندت عمليًا المعمارية العراقية اتهامات بعض النقاد بأنها مهندسة قرطاس، أي يصعب تنفيذ تصميماتها، بعد اكتمال تشييد متحف العلوم في فولفسبيوج شمال ألمانيا، الذي اُفتتح في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، والذي يؤكد على أن مقولة مهندسة قرطاس ليس إلا ادعاءً كاذبًا من معماريين يعيشون مع الماضي؛ لأن كل الذي وضعته على شاشة حاسوبها استطاع الآخرون تنفيذه، كما أورد موقع الشرقية.[6]
وقال أحد النقاد عنها: «جميع تصميماتها في حركة سائبة لا تحددها خطوط عمودية أو أفقية، أنها ليست عمارة المرأة؛ فهي فنانة مرهفة، تُقدم ما تشعر به من تأثير التطور التقني والفني في جميع اتجاهاته في عالم أصبح قرية صغيرة.»
وقال الناقد المعماري أندرياس روبي عن إبداعاتها وتصاميمها «أن مشاريع زها حديد تُشبه سفن الفضاء، التي تسبح دون تأثير الجاذبية في فضاء مترامي الأطراف، لا فيها جزء عالٍ ولا منخفض، ولا وجه ولا ظهر، فهي مباني تظهر وكأنها في حركة انسيابية في الفضاء المحيط ومن مرحلة الفكرة الأولية لمشاريع زها إلى مرحلة التنفيذ؛ تقترب سفينة الفضاء إلى سطح الأرض، وفي استقرارها تُعتبر أكبر عملية مناورة في مجال العمارة».كما وصفها شريكها باتريك شوماخر بأنها كانت: «صرخة فيما قدمته، منذ عقدين من الزمن، من أعمال في مجالي الرسم أو العمارة.»
تُوفيت المعمارية العراقية زها حديد في ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية في 31 آذار/مارس 2016، عن عمر ناهز 65 عامًا،إثر نوبة قلبية مفاجئة، حيث كانت قد وصلت إلى ميامي لتلقي العلاج من التهاب الشعب الهوائي. وقال مكتبها في لندن في بيان ينعيها: «بحزن كبير تُؤكد شركة زها حديد للهندسة المعمارية أن زها حديد تُوفيت بشكل مفاجىء في ميامي هذا الصباح، حيث كانت تُعاني من التهاب رئوي أصيبت به مطلع الأسبوع وتعرضت لازمة قلبية أثناء علاجها في المستشفى». وأضاف البيان أيضًا إلى أن: «زها حديد كانت تُعتبر إلى حد كبير أهم مهندسة معمارية في العالم اليوم»
مهندس معماري وفنان تشكيلي عراقي ولد في مدينة بغداد، وحصل على جائزة آغاخان للعمارة في عام 1986،